اضغط مفتاح الإدخال للتخطي إلى المحتوى

تقنيات الحركة والتوجه للأشخاص المكفوفين، الجزء الثالث

العوامل المُؤثرة على تطوير التقنيات الخاصة بحركة وتوجه المكفوفين :

خلال السنوات الماضية، تم تطوير العديد من تقنيات الملاحة ولكن معظمها لم يكتب له أن يرى النور، ربما يرجع ذلك إلى انقطاع الصلة بين العوامل الهندسية والمنفعة الوظيفية الفعلية لهذه التقنيات، أي أنه من الممكن أن يعمل الجهاز نظريا ووظيفيا بشكل جيد، ولكن تلقيه من قبل المستخدمين الحقيقيين عادةً ما يكون ضعيفا. يرجع هذا الرفض إلى غياب المنفعة الحقيقية لتلك التقنية بحيث إنها سدت فجوة نظرية فحسب، دون الالتفات لماهية عمل ذلك الحل التقني على أرض الواقع في الظروف المختلفة وتعامل المستخدمين معه بتعدُد خلفياتهم ومستوياتهم. لذا يجب الانتباه إلى 4 عوامل رئيسية عند مناقشة تطوير وتنفيذ حلول تقنية لتنقل المكفوفين، ألخصها فيما يلي:

قواعد ترجمة الحواس:

تسعى معظم تقنيات الحركة والتوجه التي يتم تطويرها إلى نقل صورة بصرية ثرية من خلال وسائط سمعية أو ملموسة، ونطاق هذه القنوات الحسية عادةً ما يكون محدودا بشكل أكبر من البصر، كما أنها حساسة لخصائص تحفيزية مغايرة. فتقسيم المباني في أحد الشوارع – على سبيل المثال – يمكن ملاحظته بصريا بسهولة، في حين يكون ذلك صعبا إذا حاولنا إيصاله عن طريق اللمس، وعلى العكس من ذلك، فإن المنبهات الحرارية تكون أكثر اتضاحا باللمس دون البصر. هذا يعني أنه من الضروري التركيز على آلية نقل المعلومة من وسيلة الإدخال البصرية إلى وسيلة الإخراج المعتمدة على حاسة أخرى. فبدلا من افتراض أن أي طريقة عشوائية لربط الحواس ببعضها سوف تعمل بالكفاءة المطلوبة، يجب البحث أولا في أن هذه الوسيلة سوف تكون مقبولة من ناحية المتطلبات الإدراكية والاستيعابية للمستخدمين الفعليين. وبالتالي، من الضروري اعتبار الوقت والجهد الذي قد يحتاجه المستخدم للتدريب على هذا الجهاز ، وكذلك المستوى الأقصى للاستفادة الذي يمكن تحقيقه عند إتقان استخدامه. فالجهاز المثالي لا يتطلب جهدا ولا وقتا كبيرا في إتقان استخدامه، إذ أنه يُفترض أن يُقدِم وسيلة سلِسة لترجمة المعلومات البصرية ونقلها إلى الحواس الأخرى دون تعقيد، كما أنه يحقق فائدة كبيرة نظرا لقيمة تلك المعلومات البصرية التي ينجح في إيصالها للحواس العاملة.

اختيار المعلومات:

يجب أن يركز الحل التقني على إيصال معلومات محددة وواضحة للمستخدم لكي يكون فعالا وعمليا، لأنه من الضروري معرفة ماهية البيانات التي يستطيع الكفيف تلقيها من خلال هذا المنتج ليتم تدريبه عليه بشكل دقيق. ، فمدى تعقيد العرض يتناسب طرديا مع كمية البيانات التي يريد المطور إيصالها للمستخدم. قد يكون من المفيد تطوير جهاز متكامل يعمل كبديل شامل لحاسة البصر أثناء الحركة والتنقل، ولكن هذا سيزيد تعقيده على المستخدم بشكل كبير. ينبغي للمخترع إجراء دراسات تجريبية مبدئية للتأكد من أن منتجه سيسهل استيعابه واستخدامه من قبل الفئة المستهدفة وأنهم يحتاجون بالفعل إلى المعلومات التي يحاول إيصالها إليهم بمنتجه.

آلية عمل الجهاز:

ظروف التشغيل المثلى تعتمد بشكل كبير على خصائص أجهزة الإستشعار المستخدمة بالجهاز، فعلى سبيل المثال، يمكن للأجهزة المعتمدة على أشعة السونار أن تعمل في الظلام والمطر والثلج، الأمر الذي يمنحها ميزة وظيفية للاستخدام في الحركة في الأماكن المفتوحة، ومع ذلك، فهي ليست مثالية للاستخدام في الأماكن المزدحمة أو الضيقة، إذ أن أصداء الأشعة تصبح مشوشة، مما يجعل المعلومات الواردة للمستخدم غير موثوقة. أما التكنولوجيا المعتمدة على الكاميرات، فبإمكانها العمل في ظروف مختلفة داخل المباني وخارجها، ولكن هذه الأنظمة قد تواجه صعوبات مع تحرك المشاة في تثبيت الصورة كما إن كفاءة عملها قد تتغير بتغير ظروف الإضاءة المحيطة. وأيضا التقنية المعتمدة على الـ GPS قادرة على العمل في ظروف مناخية متعددة، ولكنها مرتبطة بقوة تغطية الشبكة المتاحة كما أنها لا تعمل داخل المباني. الخلاصة هي أن لكل تقنية نقاط القوى والضعف الخاصة بها – وهو الأمر الذي سنعرض له بشكل أكثر تفصيلا فيما بعد، وتطوير حل تقني ناجح قد يتطلب إدماج تقنيات متعددة.

هيئة الجهاز:

أحد العوامل المهمة الأخرى والتي غالبا ما يتم تجاهلها هو التأثير الشكلي على المستخدم، بحيث يجب ألا يكون الجهاز سبباً في حدوث أي إحراج اجتماعي. وقد أكد استفتاء أجراه بعض الباحثون على أن هناك شريحة من المكفوفين تهتم بالشكل الجمالي للجهاز والكيفية التي سيظهرون عليها حين استخدامهم له، وحقيقة أن بعضهم كانت لديه الشجاعة لاعتبار الهيئة الجمالية للجهاز أكثر أهمية من وجود جهاز يحسن التنقل تجعل من شكل المنتج أمرا لا يمكن إغفاله أو تناسيه.

← Previous Article
Next Article →