اضغط مفتاح الإدخال للتخطي إلى المحتوى

نبذة مُبسَّطة حول سهولة الوصول

ما معنى سهولة الوصول؟

ماذا لو قدمت لك عزيزي القارئ جريدتك الصباحية المفضلة لتجد أن كل ما فيها ليس إلا صفحات فارغة ؟ هل ستستطيع أن تقرأ منها شيئاً؟

بالطبع لن تجد فيها ما يفيدك، خصوصاً إذا كنت ترغب في مطالعة أحدث الأخبار. هذا الشعور الذي سينتابك عندما تشعر بعدم المقدرة على مطالعة جريدتك المفضلة حينما تجدها فارغة الصفحات، يشبه تماماً ما نُطلِق عليه “إعاقات في قراءة المواد المطبوعة”. فتقديم أي جريدة مطبوعة لشخصٍ فاقد البصر يساوي تقديم مجلة فارغة الصفحات لشخص مبصر. فبدون الاستعانة بشخص آخر أو أداة تقنية مساعِدة، لن يستطيع الكفيف قراءة العلامات على المباني ولا أسماء وماركات المنتجات ولا بطاقات الأعمال ولا خطابات البريد الواردة إلى منزله ولا أي نص مطبوع آخر. وبما أن المواد المطبوعة موجودة في كل مكان، فإن الإعاقات الخاصة بالوصول للمواد المطبوعة تلك قد تمثل تحدٍ كبير لأصحابها.

إذاً كيف يقرأ المكفوفون الجرائد؟

لا يستطيع الكفيف قراءة الجريدة بشكل مباشر، لذا فإنه يحتاج لفعل ذلك بطرق أخرى. في الماضي كان من الممكن أن يقرأ للكفيف أحد أصدقائه، أو أن يقوم بعض الأشخاص بتسجيل تلك الجرائد على أشرطة كاسيت وتوزيعها على المكفوفين، أو أن يتم طباعة نسخة منها بطريقة برايل ، أو الاستماع إلى المواد الإخبارية عبر الراديو أو التلفيزيون. ولكن ماذا لو لم يكن هناك شخصٌ متاح ليقرأ الجريدة للكفيف، أو ماذا لو لم يقم أحد بتسجيل شيء عن الموضوع الذي يهتم الكفيف بمعرفته، أو ماذا لو لم يكن بمقدور الكفيف الحصول على نسخة الجريدة المطبوعة بطريقة برايل )الذي يحتاج لكمية أوراق أكثر ويزن أكثر بكثير من الجريدة العادية(، أو ماذا لو لم يكن الكفيف عالماً بطريقة برايل )10% فقط من المكفوفين يجيدون القراءة ببرايل(، أو ماذا لو فات الكفيف تغطية الإعلام للحدث؟

باختصار، كل تلك الطرق تعتمد على أشخاص آخرين لتوفير المادة، فالكفيف لا يستطيع بمفرده وباستقلالية الوصول للجريدة وقراءتها، ولكن لحسن الحظ، هناك طريقٌ أفضل.

النصوص الرقمية وبرامج قراءة الشاشة

مع اختراع الحواسيب، أصبحت النصوص رقمية، ثم تم اختراع “مُحرِكات تحويل النص إلى صوت” التي مكَنت المكفوفين من الاستماع إلى النصوص الموجودة على شاشة الكمبيوتر عبر السماعات، الأمر الذي أتاح لهم التنقل بين صفحات الإنترنت بطرق يسهل استيعابها من قبلهم.

فـ”قارئ الشاشة” – كما يُطلق على تلك النوعية من البرامج – يقوم بمعالجة أي نص معروض على شاشة الحاسوب وتحويله إلى صوت مسموع عبر محرك تحويل النص إلى صوت ، وهو ما سمح لفاقدي البصر بالوصول إلى المعلومات باستقلالية دون الحاجة لمساعدة مباشرة من أي شخص آخر. والإنترنت – على وجه الخصوص – فتح آفاقاً واسعة أمام أصحاب إعاقات الوصول للمواد المطبوعة، فالمعلومات متوفرة دائما وبشكل سريع وشامل، أصبح الاعتماد على الأصدقاء أو الأقارب أمر من الماضي، إذ أن التكنولوجيا وفرت لهم مستوى من الاستقلالية لم يكن متاحاً من قبل.

توافق المحتوى

على الرغم مما سبق، فإن كل ذلك لن يكون مفيداً لذوي الإعاقة إذا لم يكن قابلاً للوصول. لسوء الحظ، هذا هو التحدي الكبير الذي يواجهه الكثيرون من ذوي الإعاقة في هذا العصر الرقمي. فبالرغم من أن إمكانية الوصول للمعلومات عبر أدوات التقنية المساعِدة كبيرة ومبهرة، إلا أن كثير من المصادر الرقمية المتاحة لم يتم إنشاؤها مع أخذ سهولة الوصول في الاعتبار.

عادةً ما يتم إقصاء المكفوفين وأصحاب الإعاقات الأخرى أثناء عملية التصميم، وهو الأمر الذي يحتاج لتغيير. فمثلا، “قارئ الشاشة” يستطيع التعرف والتعامل مع الأزرار ومربعات الاختيار والقوائم والجداول في صفحات الويب، لكن فقط إذا قام مطورو تلك الصفحات بتصميمها بالشكل القياسي الصحيح الذي يناسب قارئ الشاشة. ولكن بعيداً عن الخوض في مزيد من التفاصيل الفنية المعقدة، لنتعرف أولا على الإعاقات.

قدراتنا مختلفة

قد تكون لديك إعاقة بشكل ما، فالحقيقة هي أن شخص واحد من كل خمسة أشخاص يعاني من نوع ما من الإعاقاة، فالإعاقات بمختلف أنماطها كانت وما زالت شائعة، وهي تنقسم لقسمين رئيسين: إعاقات ظاهرة وإعاقات خفية.

هناك بعض الإعاقات يمكن تمييزها بسرعة، فبعض الموهوبين مشهورين بإعاقاتهم وبمواهبهم في نفس الوقت. فالأديب طه حسين مثلاً معروف بأنه عميد الأدب العربي المعاصر ولكن يعرف الجميع أيضا عنه أنه كفيف، فهو أمر ليس بإمكانه إخفاءه عن الناس حتى ولو لم يكن مشهوراً، وستيفن هوكينق – عالم الكونيات والفيزياء النظرية الشهير – معروف بأنه قعيد ومصاب بالتصلب العضلي الضموري.

من ناحية أخرى، هناك بعض الإعاقات الخفية والتي لا يمكن تمييزها من أول وهلة. فمثلا كيف يمكنك أن تعرف أن الشخص الذي يجلس أمامك في المطار يقرأ كتاباً أنه أصم؟ أو كيف تعرف أن من يقود سيارته أمامك يعاني من اضطراب في القراءة؟ أو كيف تخمن أن موظف خدمة العملاء الذي تتحدث معه يعاني من نوبات صرع متقطعة؟ لا يمكنك بالطبع أن تعرف، فهناك العديد من الإعاقات تظل خفية حتى يحدث موقف ما يُظهِرها.

وهناك أيضا إعاقات مؤقتة، مثل تلك التي تحدث عندما تحد إصابة ما من حركة اليد أو القدم. كما أن هناك إعاقات متصلة بكبر السن، فإذا كنا ممن أنعم الله عليهم بطول العمر، قد نعاني بعض الأعراض المتعلقة بالشيخوخة والتي قد تؤثر على النظر أو السمع أو الإدراك أو الحركة.

الإعاقات على الويب

لا تؤثر كل الإعاقات على استخدام الشخص للإنترنت، فالشخص الذي يعاني من شلل في رجليه مثلا لا تتأثر قدرته على استخدام الشبكة بجميع محتواها. ولكن حين نتحدث عن استخدام شبكة الإنترنت، فإن إعاقات البصر والسمع والدماغ واليد هي ما يتأثر أصحابها بأي تصميم غير متوافق مع إعاقاتهم.

التقنية المساعِدة

يحتاج الأشخاص من ذوي الإعاقة لأدوات تكنولوجية لتعويض بعض قدراتهم المفقودة، عادةً ما يُطلق على تلك التقنيات التي تصمم خصيصاً لمساعدة الأشخاص من ذوي الإعاقة ب”التقنية المساعِدة”، ويعتبر الكرسي المتحرك هو أبرز أمثلة التقنيات المساعِدة المتوفرة، كما أن المعينات السمعية تعد مثالاً آخراً لتلك التقنيات.

ولكن هل تعتقد أنك تستخدم إحدى أدوات التكنولوجيا المساعِدة؟ إذا كنت من ذوي الإعاقة، فمن المحتمل جدا أن تكون مستخدماً لواحدة منها. ولكن ماذا لو كنت معتبراً نفسك دون إعاقة؟ هل تعتقد أنك تعيش حياتك دون أياً من تلك الأدوات؟ ربما نعم، ولكن هناك بعض منها لم يدر ببالك أنها من أدوات التقنية المساعِدة. إذا لم يكن نظرك مكتملاً، فإنك قد تستخدم إحدى أدوات تصحيح النظر كعدسات لاصقة أو نظرات لتساعدك على الرؤية بشكل أفضل، هذه تعتبر تقنية مساعِدة تعويضية.

التقنية المساعِدة على الويب

كما ذكرنا سابقاً، تم ابتكار تقنيات جديدة لتساعد الأشخاص من ذوي الإعاقة على استخدام أجهزة الكمبيوتر والوصول إلى الإنترنت بشكلٍ أفضل وأكثر سلاسة واستقلالية، وبدون الخوض في تفاصيل فنية، إليكم بعض تلك التقنيات في الجدول التالي:

الإعاقة

التقنية المساعِدة
كف البصر

  • برامج قراءة الشاشة
  • أجهزة برايل الإلكترونية
الضعف الجزئي للبصر

  • مُكَبِرات الشاشة
  • برامج قراءة الشاشة
عمى الألوان

نظارات تعزيز الألوان
الصمم

  • التسميات التوضيحية
  • النصوص الكتابية المصاحبة للصوت
الإعاقات الحركية

  • عصا الرأس
  • عصا الفم
  • لوحات المفاتيح البديلة
  • تقنيات تتبع حدقة العين
  • التحكم عن طريق الصوت

ولكن يجب الانتباه إلى أن التقنيات المساعِدة تلك لا تحل المشكلة كلها، فهي لا تقوم بالتعويض عن الإعاقة بشكل كلي. بمعنى أكثر وضوحاً، التقنيات المساعدة في عالم الإنترنت أشبه بالكرسي المتحرك في العالم المحسوس. فعلى الرغم من أن الكراسي المتحركة والتقنيات الرقمية المساعدة تتيح إمكانية للوصول قد تكون مستحيلة بدونهما، ولكن تبقى هناك عوائق بيئية للكراسي المتحركة وعوائق تقنية للتقنيات الرقمية المساعدة تحد من إمكانياتها وتقلل من فعاليتها. بمعنى آخر، التقنيات المساعِدة قيمة ومهمة للغاية، إلا أن صانعي البيئات )الواقعية أو الرقمية( يجب أن يأخذوا بعين اعتبارهم تلك الأدوات أثناء تصميم وتطوير تلك المشاريع لأجل أن تعمل تلك الأدوات المساعِدة بالشكل المطلوب.