اضغط مفتاح الإدخال للتخطي إلى المحتوى

المعاقين بصرياً والوصول إلى المتاحف

مقدمة

في الآونة الأخيرة، تزايدت مطالبة المكفوفين وضعاف البصر بالحق في الاستمتاع بالمتاحف وما تحويه من تحف ولوحات فنية، حيث إن العديد من المتاحف حول العالم قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال. وليس عالمنا العربي بما يمتلكه من طاقات وإمكانيات ببعيد عما وصل إليه العالم من تقدم ملحوظ في تسهيل وصول المكفوفين وضعاف البصر إلى المتاحف. فبفضل أدوات الوصف الصوتي وأجهزة الملاحة وغيرها من أدوات التقنية المساعدة، بالإضافة إلى تحسينات تصميم المعارض ومشاركة المعلومات بشكل أفضل بين المؤسسات الثقافية والتعليمية، تزايدت أهمية المتاحف بالنسبة لذوي الإعاقة البصرية باعتبارها مصدراً متوافقاً للترفيه واكتساب الثقافة. وفيما يلي نعرض لبعض الأجهزة والاستراتيجيات المتبعة في بعض المتاحف العالمية التي نتمنى تطبيقها في متاحفنا بهدف الوصول إلى تجربة أكثر شمولية:

أولا، سهولة الوصول إلى المكان والتنقل داخله:

من أهم الجوانب التي ينبغي على مصممي المتاحف الاعتناء بها بهدف جعل المكان متوافقاً هي آليات التنقل داخل المكان وسهولة الوصول إلى كافة مرافقه وأقسامه. بمعنى آخر، يجب التأكد من توفير مزايا تمد الزائر المعاق بصرياً بالمعلومات الكافية التي ترشده وتوجهه داخل المتحف من مكان لآخر. قد يتأتى هذا الأمر بتوفير مطبوعة بطريقة برايل أو بالخط الكبير لضعاف البصر تحتوي على اتجاهات المرافق المختلفة بالمتحف. كما أن أجهزة الصوت الخاصة تساعد المكفوفين على توجيه أنفسهم داخل المتحف، فعلى الرغم من فائدتها الكبيرة داخل المعارض، إلا أنه يمكن برمجتها أيضا لتوجيه المكفوفين وإرشادهم، هذا بالطبع بالإضافة إلى توفير الوسائل القياسية للحركة والتوجه داخل المبنى مثل العلامات الأرضية ولوحات برايل.

ومؤخراً تبنت بعض المؤسسات تقنية ال”bluetooth beacons” التي تعتمد فكرتها على تواصل أجهزة بث بلوتوث مع الهواتف الذكية الموجودة مع المكفوفين. يتم أولاً تثبيت أجهزة صغيرة تسمى beacons على الحوائط والمداخل والأماكن المهمة بالمبنى، وهي عبارة عن أجهزة إرسال تبعث إشارات لمسافة تتراوح بين متر واحد إلى 30 مترا، ثم يتم إنشاء طرق مسبقة عن طريق تصميم خريطة ثلاثية الأبعاد تعتمد على مواقع تلك الأجهزة وعلاقتها ببعضها، ويقوم الكفيف بعد ذلك بتشغيل خاصية البلوتوث في هاتفه الجوال وتحميل تطبيق بسيط يتمكن من التواصل مع تلك الأجهزة واقراءة محتوى الخرائط المصممة مسبقا. يقوم التطبيق حينئذ بإعطاء الكفيف إرشادات صوتية بالاتجاه المناسب حسب المكان الذي يريد الذهاب إليه. ويشير مطوروا هذه التقنية أنه بالإضافة إلى توجيه المكفوفين داخل المباني، فمن الممكن الاعتماد عليها لأداء أكثر من وظيفة، مثل إرسال إشعارات إلى الجوالات تحتوي على معلومات خاصة بمكان ما حين الوصول إليه، أو حجز مكان في الصفوف عن بعد، أو غير ذلك من الاستخدامات التي قد تطرأ على ذهن المستفيد.

وأياً كانت الوسيلة المستخدمة لتوجيه الكفيف داخل المبنى، إلا أنه ينبغي لتلك الوسيلة أن تسمح للمستخدم بتصفحها والانتقال فيها من جزء لآخر. فإذا كنت مثلاً على مدخل المتحف وأردت أخذ فكرة عن أقسامه المختلفة، ينبغي للدليل الصوتي أو المطبوع توفير إمكانية تصفح المبنى مسبقاً. كما يجب الانتباه إلى أنه إذا كان المتحف يستقبل زواراً من أعراق وجنسيات متعددة، فإنه ينبغي توفير تلك الأدلة والإرشادات بأكثر من لغة.

ثانياً، سهولة الوصول إلى المعروضات:

هناك العديد من التقنيات والوسائل لتسهيل وصول ذوي الإعاقة البصرية إلى ما يعرضه المتحف من لوحات وتحف وآثار وغيرها، تشمل أيضاً توفير دليل مطبوع بطريقة برايل والخط الكبير والتسجيل الصوتي يحتوي على وصف لما يحتويه المتحف من معروضات، يجب لهذا الدليل أن يسمح أيضاً لمتصفحه بالتنقل بين محتوياته بسهولة. ولكن توفير مثل هكذا دليل لا يمثل التجربة المثالية للاستمتاع بالمتحف ومعروضاته، إذ ينبغي الاستفادة من العديد من التقنيات لجعل التجربة أكثر ثراءً وتفاعلاً واندماجاً. أبرز تلك التقنيات هي الوصف الصوتي الذي يمكن تسجيله مسبقا ووضعه على أجهزة يصل إليها الكفيف ويضغط عليها ليسمع محتواها تسمى عادةً “push-button audio boxes”. كما أن هناك بعض الأجهزة التي تحتوي على وصف صوتي للعديد من محتويات المتحف يمكن للزائر اصطحابها معه أثناء جولته والاستماع إلى الوصف الصوتي بضغط رقم تعريفي معين خاص بالمعروض الذي يود التعرف عليه، تسمى تلك الأجهزة بال”tourmate systems”. أما حينما يكون الأمر متعلقاً بمنحوتات أو مجموعات زجاجية أو فضية، فلا شيء بالطبع يفوق إتاحة لمس جزء من تلك المعروضات باليد بالاستعانة بموظفي المتحف بالطبع. أما إذا كانت المعروضات حساسة أو لا يمكن تلمسها كاللوحات الزيتية والأشياء الحادة، فيُفَضل عمل نماذج ملموسة ثلاثية الأبعاد من تلك المعروضات.

ونختم بهذه القائمة البسيطة من المقتراحات والتوصيات التي من شأنها تحسين إمكانية الوصول إلى المتاحف:

  • يجب وضع علامات برايل في أماكن يسهل على المكفوفين الوصول إليها، كما يجب طباعتها بالشكل الصحيح وبلغتين على الأقل.
  • يجب أن توفر النسخ المخصصة، كالوصف الصوتي أو برايل أو الخط الكبير، نفس المحتوى الذي توفره المطبوعات العادية.
  • يجب مراعاة تباين الألوان واستخدام خطوط واضحة وإضاءة مناسبة لمساعدة ضعاف البصر على قراءة اللافتات والعلامات والإرشادات.
  • يجب أن توفِر الأجهزة المستخدَمة في التنقل في المبنى وسيلة لتصفح المحتوى والانتقال خلاله.
  • ينبغي السعي لتوفير الوصول إلى المعروضات بحواس أخرى غير البصر، كعمل مجسمات ملموسة للمعروضات وتوفير وصف صوتي لها.
  • من أهم الأمور التي ينبغي الانتباه إليها هي ضرورة تدريب موظفي المتحف والمرشدين به على التواصل والتعامل الصحيح مع المكفوفين والمعاقين بصريا، كما يجب أن يكونوا مدربين على أجهزة التقنية المساعدة المُستخدَمَة داخل المتحف.