نبذة عامة
يعد المنهج الأساسي الموسع (expanded core criculum)، أو ما يُطلق عليه اختصاراً (ECC) أداة تعليمية هامة وضرورية للطلاب المكفوفين أو ضعاف البصر. فعلى الرغم من أنه من البديهي أن يتبع هؤلاء الطلاب المناهج الدراسية العادية مثل أقرانهم المبصرين، إلا أنهم يحتاجون إلى مهارات إضافية خاصة لمساعدتهم على التكيف والنجاح في عالم مصمم في الغالب للأشخاص المبصرين. يهدف المنهج الأساسي الموسع إلى سد الفجوة بين ما يتعلمه الطلاب في الفصول الدراسية التقليدية وما يحتاجون إليه للنجاح في الحياة اليومية والمستقبل المهني.
يغطي هذا المنهج العديد من جوانب الحياة والتعلم للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية، تشمل مهارات مثل القراءة والكتابة بطريقة برايل، والتنقل بأمان واستقلالية، وتطوير المهارات الاجتماعية، والتعامل مع التكنولوجيا المساعدة، وإدارة الحياة اليومية بشكل مستقل، وغيرها من الأمور بالغة الأهمية التي تضمن نجاح الطلاب على المدى الطويل.
من خلال دمج هذه المهارات الخاصة مع المناهج الأكاديمية التقليدية، يؤدي الاعتماد على المنهج الأساسي الموسع إلى تمكين الطلاب المكفوفين وضعاف البصر من تحقيق إمكاناتهم الكاملة وأن يصبحوا أعضاء مستقلين ومساهمين في المجتمع. إنه يمثل نهجًا شاملاً للتعليم يعترف بالاحتياجات الفريدة لهؤلاء الطلاب ويسعى لتلبيتها بطريقة منهجية ومدروسة.
كيف يختلف عن المنهج الأكاديمي؟
لا يجب أن نتصوّر أن (ECC) هو منهجاً دراسياً بالمعنى اللفظي للكلمة، بل أنه يختلف اختلافاً جوهرياً عن المنهج الدراسي التقليدي. ومن خلال الجدول التالي، سنحاول إيضاح الفارق بين المنهج الدراسي التقليدي والمنهج الأساسي الموسع من كافة الجوانب:
وجه المقارنة | المنهج الدراسي التقليدي | المنهج الأساسي الموسَّع |
---|---|---|
1. طبيعة المحتوى: | المنهج الدراسي التقليدي يركز على المواد الأكاديمية مثل الرياضيات، العلوم، اللغات، والتاريخ. | المنهج الأساسي الموسع يركز على المهارات الحياتية والوظيفية الضرورية للطلاب ذوي الإعاقات البصرية. |
2. الهدف: | المنهج التقليدي يهدف إلى تقديم المعرفة الأكاديمية والمفاهيم العامة. | ECC يهدف إلى تطوير مهارات محددة تعوّض عن فقدان البصر وتعزز الاستقلالية. |
3. التطبيق: | المنهج التقليدي يُطبق بشكل موحد على جميع الطلاب. | ECC يُكيَّف حسب الاحتياجات الفردية لكل طالب ذي إعاقة بصرية. |
4. الإطار الزمني: | المنهج التقليدي يتبع جدولاً زمنياً محدداً ومنظماً. | ECC يُدمج في التعليم اليومي ويمكن تطبيقه في مواقف الحياة الحقيقية خارج الفصل الدراسي. |
5. التقييم: | المنهج التقليدي يُقيَّم عادة من خلال الاختبارات والامتحانات. | ECC يُقيَّم من خلال ملاحظة التقدم في المهارات العملية والحياتية. |
6. المرونة: | المنهج التقليدي غالباً ما يكون ثابتاً ومحدداً مسبقاً. | ECC أكثر مرونة ويمكن تعديله باستمرار لتلبية احتياجات الطالب المتغيرة. |
باختصار، فإن المنهج الأساسي الموسع يمثِّل إطاراً تعليمياً وتكميلياً يعمل جنباً إلى جنب مع المنهج الدراسي التقليدي. إنه يوفر مجموعة من المهارات الأساسية التي تساعد الطلاب ذوي الإعاقات البصرية على الاستفادة بشكل أفضل من تعليمهم الأكاديمي وتطبيقه في حياتهم اليومية. ذلك يعني أننا لا ننظر إلى مجموعة المهارات تلك على أنها منهجاً دراسياً بالمعنى التقليدي، بل إن ECC هو نهج شامل لضمان أن يكتسب هؤلاء الطلاب المهارات اللازمة للنجاح في المدرسة وما بعدها.
من المسؤول عن تقديم هذا النوع من الدعم؟
يتم تدريس المنهج الأساسي الموسع (ECC) من قبل فريق متخصص ومتكامل، ويتم التخطيط له بطريقة منهجية تعتمد بالأساس على التكامل والتواصل المستمر بين فريق عمل منسجم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن لكل مما يلي المشاركة في إعداد وتقديم خطة المنهج الأساسي الموسع للطالب:
- معلمو التربية الخاصة: وهم الأشخاص الذين تلقوا تدريباً متخصصاً على تدريس وتطوير مهارات الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية.
- أخصائيو الحركة والتوجه: يركزون على تعليم مهارات التنقل الآمن والمستقل.
- معالجو النطق واللغة: يمكنهم المساعدة في تطوير مهارات التواصل.
- المعالجون المهنيون: يعملون على تحسين المهارات الحياتية اليومية والاستقلالية.
- أخصائيو التكنولوجيا المساعدة: يدربون الطلاب على استخدام الأدوات والبرامج التكنولوجية المساعدة.
- المرشدون المهنيون: يساعدون في التخطيط الوظيفي والتعليم المهني.
- الأخصائيون الاجتماعيون: يدعمون تطوير المهارات الاجتماعية وتقرير المصير.
- معلمو المواد الدراسية العادية: يتعاونون مع الفريق المتخصص لدمج مهارات ECC في الدروس اليومية.
كيفية وضع الخطط للمنهج الأساسي الموسع:
غالباً ما يتم اتباع الخطوات التالية لتقديم الدعم المناسب للطالب وفقاً لاحتياجاته الفردية، مع ملاحظة أنه ليس من الضروري أن تتم كافة الخطوات على سبيل الترتيب الدقيق، بل قد تتم بشكل متوازٍ ومتزامن وفقاً لما يراه المختصون من مقدمي الدعم.
- التقييم الشامل: يتم إجراء تقييم فردي لكل طالب لتحديد نقاط القوة والاحتياجات في كل مجال من مجالات ECC.
- وضع الأهداف الفردية:بناءً على نتائج التقييم، يتم وضع أهداف محددة لكل طالب في مجالات ECC المختلفة.
- تطوير الخطة التعليمية الفردية (IEP): – يتم دمج أهداف ECC في الخطة التعليمية الفردية للطالب.
- التخطيط التعاوني: يجتمع فريق متعدد التخصصات، بما في ذلك المعلمون والأخصائيون وأولياء الأمور والطالب (إذا كان ذلك مناسبًا)، لوضع خطة شاملة.
- تحديد استراتيجيات التدريس: يتم اختيار أساليب التدريس المناسبة لكل مجال من مجالات ECC، مع مراعاة احتياجات الطالب الفردية.
- جدولة التدريس: يتم تحديد كيفية دمج تعليم ECC في اليوم الدراسي، سواء كان ذلك خلال الدروس العادية أو في جلسات منفصلة.
- تخصيص الموارد: يتم تحديد الموارد اللازمة، مثل المواد التعليمية الخاصة والتكنولوجيا المساعدة.
- المراجعة والتعديل المستمر: تتم مراجعة الخطة بشكل دوري وتعديلها حسب تقدم الطالب واحتياجاته المتغيرة.
- التنسيق مع الأسرة: يتم إشراك الأسرة في عملية التخطيط والتنفيذ لضمان استمرارية التعلم في المنزل.
- التكامل مع المنهج العام: يتم التخطيط لكيفية دمج مهارات ECC مع المنهج الدراسي العام لتعزيز التعلم المدمج.
من خلال هذا النهج الشامل والتعاوني، يتم ضمان أن يتلقى كل طالب تعليمًا مخصصًا يلبي احتياجاته الفريدة في جميع مجالات المنهج الأساسي الموسع، مما يعزز فرص نجاحه في المدرسة والحياة.
مجالات المنهج الأساسي الموسع
يرتكز ECC على 9 مجالات أساسية:
- المهارات التعويضية: هذا القسم يركز على تطوير المهارات التي تعوض عن فقدان البصر. يشمل ذلك:
- تعلم طريقة برايل للقراءة والكتابة
- تحسين مهارات الاستماع والتحدث
- تطوير مهارات الذاكرة والتنظيم
- استخدام الأدوات المساعدة مثل الآلات الحاسبة الناطقة والكتب الصوتية
- الحركة والتوجه: يهدف هذا القسم إلى تعليم الطلاب كيفية التحرك بأمان واستقلالية في بيئتهم. حيث يشمل:
- استخدام العصا البيضاء
- إدراك المفاهيم المكانية
- تعلم كيفية تحديد الموقع وإيجاد الطريق
- استخدام وسائل النقل العام بشكل مستقل
- التفاعل الاجتماعي: يركز على تطوير المهارات الاجتماعية الضرورية للتواصل الفعال مع الآخرين. مثال:
- فهم لغة الجسد والإيماءات
- تعلم آداب المحادثة
- بناء الصداقات والعلاقات
- التعامل مع المواقف الاجتماعية المختلفة
- الحياة المستقلة: يهدف إلى تعليم الطلاب المهارات اللازمة للعيش باستقلالية. ويشمل التدرب على العديد من المهارات التي يكتسبها الشخص المبصر عادةً عن طريق الملاحظة بالعين، مثل::
- العناية الشخصية (مثل ارتداء الملابس والنظافة)
- إعداد الطعام وتناوله
- إدارة المنزل (مثل التنظيف والغسيل)
- إدارة الأموال والميزانية
- الترفيه وأوقات الفراغ: يركز على تعليم الطلاب كيفية الاستمتاع بوقت فراغهم. ويتضمن
- اكتشاف الهوايات والاهتمامات
- المشاركة في الأنشطة الرياضية المعدلة
- تعلم ألعاب يمكن ممارستها مع الأصدقاء والعائلة
- استكشاف الفنون والموسيقى
- الكفاءة الحسية: يهدف إلى تحسين استخدام الحواس المتبقية وتطوير استراتيجيات تعويضية لتقليل الفجوة التي أحدثها فقدان البصر. فعلى سبيل المثال، يمكن تطوير جوانب حسية تشمل:
- تدريب السمع على تمييز الأصوات والاتجاهات
- تطوير مهارات اللمس لقراءة برايل وتمييز الأشياء
- استخدام حاسة الشم للتعرف على الأماكن والأشياء
- تحسين استخدام البصر المتبقي (لضعاف البصر)
- التكنولوجيا المساعدة: يركز على تعليم الطلاب استخدام التقنيات التي تساعدهم في الحياة اليومية. على سبيل المثال:
- استخدام برامج قراءة الشاشة
- العمل مع أجهزة برايل الإلكترونية
- استخدام تطبيقات الهاتف المحمول المساعدة
- التعامل مع الأجهزة المكبرة للنصوص والصور
- التعليم المهني: يهدف إلى إعداد الطلاب لعالم العمل وفهم احتياجات السوق وتوجهاته. حيث يمكن التدرُّب على قضايا مثل:
- استكشاف خيارات المهن المختلفة
- تطوير مهارات البحث عن وظيفة
- التدرب على إجراء المقابلات
- فهم حقوق العمل للأشخاص ذوي الإعاقة
- تقرير المصير: يركز على تمكين الطلاب من اتخاذ قرارات مستقلة وتحمُّل المسؤولية. ويركِّز على مهارات مثل:
- تعلم مهارات اتخاذ القرار
- تطوير الثقة بالنفس والدفاع عن الذات
- تحديد الأهداف الشخصية والتخطيط للمستقبل
- فهم حقوقهم ومسؤولياتهم كأشخاص ذوي إعاقة
وهنا، تجدُر الإشارة إلى أنه من الخطأ النظر إلى مجالات المنهج الأساسي الموسع كجزر منعزلة أو وحدات منفصلة. بل حقيقة الأمر هي أن هذه المجالات التسعة تشكل نسيجًا متكاملاً ومترابطًا، حيث تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض بشكل ديناميكي. فعند تدريب الطالب على مهارة معينة، غالبًا ما يتم تطوير عدة مهارات في آن واحد. على سبيل المثال، عندما يتعلم الطالب استخدام التكنولوجيا المساعدة لقراءة نص، فإنه في نفس الوقت يطور مهاراته في الكفاءة الحسية، ويعزز استقلاليته في الحياة اليومية، ويحسن قدرته على التفاعل الاجتماعي من خلال التواصل الرقمي. كذلك، فإن التدريب على التوجه والتنقل لا يقتصر فقط على التحرك بأمان، بل يشمل أيضًا تعزيز الثقة بالنفس، وتطوير مهارات حل المشكلات، وتحسين القدرة على التفاعل مع البيئة المحيطة. هذا التكامل بين المجالات يعكس الطبيعة المعقدة والمترابطة للحياة الواقعية، حيث تتطلب المواقف اليومية استخدام مجموعة متنوعة من المهارات بشكل متزامن. وبهذه الطريقة، يضمن المنهج الأساسي الموسع تعليمًا شاملاً وواقعيًا يعد الطلاب بشكل فعال لمواجهة تحديات الحياة بكفاءة واستقلالية.
خاتمة
المنهج الأساسي الموسع ليس مجرد إضافة للتعليم التقليدي، بل هو جسر يربط بين عالم المعرفة الأكاديمية وواقع الحياة العملية للطلاب المكفوفين وضعاف البصر. إنه يمثل رؤية شاملة للتعليم تدرك أن النجاح الحقيقي يتجاوز حدود الكتب الدراسية.
في جوهره، يعد هذا المنهج اعترافًا بأن الإبصار ليس مجرد حاسة، بل هو وسيلة لفهم العالم والتفاعل معه. وعندما نفقد هذه الحاسة، نحتاج إلى طرق بديلة وإبداعية لاكتساب المعرفة والمهارات التي يكتسبها الآخرون بشكل طبيعي من خلال الملاحظة البصرية.
يحوِّل المنهج الأساسي الموسع التحدي إلى فرصة. إنه يمكّن الطلاب من تحويل إعاقتهم البصرية إلى منصة لتطوير مهارات فريدة وقوية. من خلال هذا المنهج، لا يتعلم الطلاب فقط كيفية التكيف مع عالمهم، بل كيفية تشكيله وفقًا لرؤيتهم الخاصة.
في النهاية، الهدف من المنهج الأساسي الموسع هو أكثر من مجرد تعليم المهارات؛ إنه يهدف إلى بناء الثقة، وتعزيز الاستقلالية، وإلهام الإبداع. إنه يعد الطلاب ليس فقط للنجاح في عالم المبصرين، بل ليكونوا قادة ومبتكرين في مجتمعاتهم.
وهكذا، فإن المنهج الأساسي الموسع لا يمثل فقط تكيفًا مع التحديات، بل هو دعوة لتجاوزها. إنه يذكرنا بأن الرؤية الحقيقية تأتي من الداخل، وأن كل طالب، بغض النظر عن قدراته البصرية، لديه القدرة على رؤية ورسم مستقبل مشرق ومليء بالنجاحات.
مزيد من المصادر
- يقدّم مركز الموارد الإقليمي للمعاقين بصريًا (PRCVI) مجموعة من الموارد والمقالات المتكاملة حول المجالات التسعة، يمكن الاطلاع عليها من هنا
- أما معهد بيركينز للمكفوفين، فيقدم أيضاً معلومات حول فهم المنهج الأساسي الموسع وكيفية دمجه في الحياة اليومية للطالب.
- هذا المقالمن مدرسة تكساس للمكفوفين، يسلط على كيفية تقديم المنهج الأساسي الموسع، وخاصةً للطلاب من ذوي الإعاقات المتعددة.
- يمكن استخدام هذا القالب لتحديد أهدف المنهج الأساسي الموسع ونقاط القوى والاحتياج لدى المتدرب.