اضغط مفتاح الإدخال للتخطي إلى المحتوى

ليس كل من يستخدم قارئ الشاشة كفيف.

لعل من أبرز المفاهيم الخاطئة الأكثر شيوعا، هي أن كافة مستخدمي برامج قراءة الشاشة هم من الأشخاص فاقدي البصر كلياً الذين ليس لهم أي قدرة على قراءة النصوص الرقمية. وفقاً لأحدث استبيانات مؤسسة WEBAIM لسهولة الوصول إلى مواقع الويب والذي تم إجراؤه عام 2021، فقد ذكر حوالي 79% بالمائة من مستخدمي برامج قراءة الشاشة أنهم مكفوفون بشكل كلي، لكن ماذا عن خُمُس مستخدمي برامج قراءة الشاشة المتبقي؟ دعونا نتعرف على بعض الحالات الأخرى التي يحتاج فيها الشخص إلى قارئ الشاشة.

الاختبار والتجربة

يسعى كثير من المطورين الذين يهتمون أو يرغبون في تقديم منتجات ومحتوى قابل لوصول الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، إلى تعلُّم استخدام برامج قراءة الشاشة لتجربة واختبار ما يقومون بتطويره معها.

يمكن استخدام برامج قراءة الشاشة لاختبار المواقع والتطبيقات من خلال محاكاة كيفية استخدامها من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. يتم ذلك عن طريق تشغيل برنامج قراءة الشاشة على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي أثناء تصفح الموقع أو استخدام التطبيق. سيساعد ذلك على اكتشاف أي مشاكل في إمكانية الوصول يمكن أن تجعل من الصعب أو المستحيل على الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية الاستفادة من المحتوى المقدَّم. ومن الإشكاليات التي يسهُل اكتشافها من قِبَل المطوِّرين بمجرد تشغيلهم لقارئ الشاشة:

  • عدم وجود نص بديل للصور أو الرسومات: وهو ما قد يؤدي إلى صعوبة الوصول إلى المحتويات المرئية.
  • استخدام عناوين أو جداول أو قوائم غير منطقية: وهو ما يُعطي للمستخدم تصوُراً خاطئاً عن محتوى الموقع وترتيبه المنطقي وسلاسة التحرك خلاله.
  • استخدام العناصر الديناميكية التي تتغير باستمرار. يمكن أن يكون من الصعب على الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية تتبع هذه التغييرات أو الوصول إلى المعلومات التي تظهر وتختفي بشكل آلي وتتطلب النظر إليها دون تركيز المؤشر عليها بصورة مباشرة.
  • عدم استخدام تنسيقات نصية مناسبة: كمحاولة إيصال أفكار ومعلومات عبر تركيز الألوان أو تغيير نوع الخط أو عبر الأضواء، وهو ما لا يمكن للمستخدم الكفيف التعرف عليه.
  • التعرُّف على التحكُمات غير القابلة للوصول: كأن تكون هناك أزرار أو مربعات كتابة أو أي عناصر أخرى لا يمكن التركيز عليها بلوحة المفاتيح أو بمؤشر قارئ الشاشة العادي، فهو إما لا يستطيع قراءتها أو لا يصل إليها مطلقا.

لذا، فإنه ما من شك في أن اختبارات برامج قراءة الشاشة تساعد كثيراً في ضمان أن المواقع والتطبيقات متوافقة مع أدوات إمكانية الوصول، مما يسمح للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية باستخدامها بسهولة. ويُنصَح المطورون الراغبون في تجربة برامج قراءة الشاشة مع منتجاتهم بما يلي:

  • محاولة الوصول لدليل المستخدم الخاص بقارئ الشاشة للتعرف على أساسيات ومبادئ تشغيله والتعامل به.
  • الاستعانة بمستخدمين فعليين لقارئ الشاشة للتجربة والاختبار وإبداء الرأي، ومحاولة تكرار ملاحظاتهم خطوة بخطوة في محاكاة فعلية لوضع المستخدم الحقيقي.
  • استخدام مجموعة متنوعة من برامج قراءة الشاشة. تختلف برامج قراءة الشاشة في كيفية قراءتها ووصولها للمحتوى، لذا من الجيد دائماً الاختبار من خلال أكثر من برنامج لمعرفة مدى توافقية ما يتم تطويره مع تلك البرامج.
  • استخدام مجموعة متنوعة من الأجهزة والأنظمة. ستختلف كيفية عمل البرامج على أجهزة مختلفة، سواءً كانت حواسيب مكتبية أو محمولة أو أجهزة لوحية أو هواتف، فكلٌ منها له تجربة خاصة به، وقد يتفاوت عمل الموقع أو التطبيق من جهاز لآخر ومن نظام تشغيلي لآخر. ينطبق هذا أيضاً على متصفحات الإنترنت التي يختلف تعاطيها مع برامج قراءة الشاشة ودعمها.

يمكن على سبيل المثال، الاطلاع على هذا الدليل التفصيلي المبسَّط لاستخدام قارئ الشاشة المجاني لنظام ويندوز NVDA في اختبار صفحات الويب، هذا الدليل المشابه عن JAWS.

الدسلكسيا

الدسلكسيا (Dyslexia) هي اضطراب في التعلم يؤثر على القدرة على القراءة والكتابة. يعاني الأشخاص المصابون بالدسلكسيا من صعوبة في فك رموز الكلمات، وفهم ما يقرأونه، وكتابة الكلمات بشكل صحيح. تؤثر الدسلكسيا على الأشخاص بدرجات متفاوتة. بعض الأشخاص المصابون بالدسلكسيا قد يعانون فقط من صعوبة بسيطة في القراءة، بينما قد يعاني البعض الآخر من صعوبة شديدة تجعلهم غير قادرين على القراءة بشكل مستقل. وهناك إحصائيات شبه رسمية تشير إلى أن شخص واحد من كل عشرة أشخاص يعاني درجة من درجات عُسر القراءة.

لا توجد أسباب معروفة بشكل قاطع للدسلكسيا، ولكن يعتقد العلماء أنها ناجمة عن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية. يمكن تشخيص الدسلكسيا من خلال اختبارات التقييم التي يتم إجراؤها من قبل أخصائي تعليمي أو معالج لغوي، كما أنه لا يوجد علاج مباشر للدسلكسيا، ولكن هناك العديد من الأساليب والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد الأشخاص المصابين بالدسلكسيا على تحسين مهاراتهم في القراءة والكتابة وتعزيز فرصهم في المشاركة والنجاح في الحياة.

ومن أبرز الأدوات التي يستعين بها المصابون بالدسلكسيا هي أدوات تحويل النص إلى صوت، بما فيها برامج قراءة الشاشة، وذلك لما توفره من حلول مباشرة وسهلة لتسهيل الوصول للنصوص وتفكيكها واستيعابها. حيث يمكن الاستفادة منها فيما يلي:

  • تحسين القدرة على القراءة: يمكن لبرامج قراءة الشاشة قراءة النص بصوت عالٍ، مما يسهل على الأشخاص المصابين بالدسلكسيا فهم ما يقرأونه إذا تعذَّر عليهم قراءتها بالعين.
  • تحسين القدرة على الكتابة: يمكن لبرامج قراءة الشاشة توفير المساعدة في التهجئة والإملاء، مما يمكن أن يساعد الأشخاص المصابين بالدسلكسيا على كتابة الكلمات بشكل صحيح. يتم ذلك من خلال خواص قراءة الشاشة المتمثلة في تهجئة الكلمات وتأكيد النطق الصحيح وخواص الأوامر الصوتية وغيرها.
  • تحسين القدرة على الوصول إلى المعلومات: يمكن لبرامج قراءة الشاشة الوصول إلى المعلومات من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك الكتب والمواقع الإلكترونية والتطبيقات.

فيما يلي بعض الأمثلة المحددة لكيفية استخدام الأشخاص المصابين بالدسلكسيا لبرامج قراءة الشاشة:

  • قراءة الكتب المدرسية والمواد الأخرى في المدرسة. يمكن أن يساعد ذلك الطلاب المصابين بالدسلكسيا على البقاء على دراية بالمواد الدراسية وفهمها.
  • قراءة الأخبار والمقالات والكتب الإلكترونية. يمكن أن يساعد ذلك الأشخاص المصابين بالدسلكسيا على البقاء على اطلاع على الأحداث الجارية واكتساب المعرفة الجديدة.
  • قراءة البريد الإلكتروني والرسائل النصية. يمكن أن يساعد ذلك الأشخاص المصابين بالدسلكسيا على تعزيز وتحسين التواصل مع الآخرين.
  • القراءة الصوتية الفاحصة والتدقيق الإملائي، وهو ما شأنه التأكد من صحة النصوص التي يكتبها المستخدم قبل مشاركتها.

وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبيرة لبرامج قراءة الشاشة بالنسبة للمصابين بالدسلكسيا، إلا أن استخدامهم لها يجب أن يكون موجهاً بشكل دقيق يسمح لهم بتحديد المزايا التي تناسب الحالة الفردية لكل شخص. لذا فمن الضروري الحصول على تدريب من أخصائي تعليمي أو معالج لغوي ذو خبرة بالأمر، وهو ما قد يسهِّل الاستخدام الفعال للبرنامج. بالإضافة لذلك، فإنه من الممكن الوصول لنتيجة أكثر مواءمة لاحتياج الفرد عبر تجربة أكثر من برنامج مختلف لقراءة الشاشة، أو محاولة دمجها ببرامج التكبير أو البرامج المساعِدة الأخرى، علاوةً على مشاركة الخبرات مع أصحاب الحالات المتشابهة ومحاولة الاستفادة من تجاربهم.

وهكذا، نكون قد ألقينا الضوء على نموذجين رئيسيين من مستخدمي برامج قراءة الشاشة المحتملين، وهم أشخاص مبصرون تماماً، لكنهم ما يزالون بحاجة للاستفادة من برامج قراءة الشاشة. قد يكون هناك أشخاص آخرون بحاجة لقارئ الشاشة، مثل الحاجة لتعلُّم اللغات الأجنبية، أو من يحتاجون لإراحة أعينهم من القراءة على فترات متتالية، لكن ما سبق مثالَين واضحين على أن هناك شرائح عديدة من المستخدمين الذين قد يلجأون لقراءة الشاشة بالصوت لسبب أو لآخر.